2016/12/10

كيف تستحوذ التكنولوجيا على انتباهنا ؟؟

كيف تستحوذ التكنولوجيا على انتباهنا ؟؟

كيف تستحوذ التكنولوجيا على انتباهنا ؟؟

ما هو الانتباه ؟ هو التساؤل الأساسي لكن ليس هناك تعريف محدد. فتركيز أو انتباه الإنسان الأول نسبيا سهل التحديد: فهو يركز على الهدف تفاديا للأخطار. وبعد آلاف السنين تعقد المعنى فأصبحت التكنولوجيا أكثر ما يلفت الانتباه، فيكفي وضع شاشة في غرفة لترى الكل يلقي عليها بناظريه. فليس غريبا إذن أن توضع في أماكن الانتظار وأمام الصفوف الطويلة لتنسينا الملل وعدم الإحساس بالوقت الطويل.
فهل تمكنت التكنولوجيا من الاستحواذ فعلا على انتباهنا؟ فعلا فهذه الآلات المسلية باتت لا تفارق جيوبنا، وحسب خبير عمل لسنوات في شركة Google حتى القريب،  "فهم يروننا كمتفرجين أثناء عرض سحري".

الأفكار الوهمية المثيرة للانتباه :


لاعب الخفة لا يمتلك ملكات أو قدرات فوق طاقة البشر. عموما، هؤلاء لهم موهبة مسخرة لمهارات يتعلمونها ويتقنون  حدود الإحساس والاستيعاب البشري بهدف السيطرة في الجمهور. بالنسبة ل Tristan Harris "التكنولوجيا مكنت مبتكري الويب Web 2.0 من الاستحواذ على الانتباه كما يفعل السحرة".

بالتالي فمختلف التقنيات والتطبيقات تتلاعب بنا كلاعبي الخفة. مثلا، أغلبها يمنحنا وهم الاختيار illusion de choix. فتطبيق مثل Yelp يمنحك اختيارات عدة لقضاء أمسية ممتعة في منطقة معينة من مدينة ما ... الإيحاءات مبنية على قائمة مؤسسات مختارة بعناية. وما يتم تقديمه متوافق بالتمام مع المكان الذي تتواجد فيه. هذا مثال واحد فقط وهناك عدة أمثلة أخرى.

التكنولوجيات تمنحنا حس الاختيار والتي ليس لها معنى أحيانا في ما يتعلق بحاجياتنا، فالاسترتيجية المستعملة هي تلك التي يستعملونها منذ القدم في المتاجر الكبرى حيث يتم وضع المنتجات الأساسية بعيدا عن يد الزبون قدر الإمكان لدفعنا لشراء ما لا نحتاجه وما هو زائد عن الحاجة.      

العودة والتتبع :


للتأكد من أن اهتمامنا دائم الرجوع العودة للتكنولوجيا، فالتطبيقات تمنحنا مكافئات. فمثلا رؤية إشعار ل Twitter أو رسالة حديثة أو مصدر خبر حديث كلها تؤدي لإثارة المستعمل وحثه على مراجعة جهازه لعدة مرات دون ملل. لذلك التحدي الجديد للمطورين متمثل في أخبار الساعة وتتبع البريد الإلكتروني والإجابة بسرعة عن الرسائل المرسلة.
هذا الخوف من "الغياب" وعدم التتبع للجديد يؤثر على انتباهنا. ومن بين كل الأشياء التقنية نجد توفير المحتوى باستمرار على مواقع مثل YouTube، Facebook أو Netflix بواسطة تقنية الفيديوحيث يوفر شريط أو مقطع يليه آخر بشكل اوتوماتيكي، ما "يغذي" الفرد باستمرار لحد "التخمة".

بالنسبة ل Harris يطرح السؤال : لماذا التطبيقات غير مسخرة لخدمة المستعمل ؟ مثلا لماذا موقع Facebook يجبرنا على مشاهدة سلسلة من الأحداث الجارية منذ البداية رغم حاجتي فقط لمعلومات حول موقع صديق. لماذا لا نعلم المدة الحقيقية لتواجد استطلاع رأي ما على الإنترنيت ؟ 

ليس الخطأ من الآلة فحسب :


فليست الآلات وحدها من تريد الاستيلاء على اتباهنا. فالمجتمع ووسائل اتصاله يحققون ذلك أيضا. بالنسبة للكاتب Yves Citton "عكس ما نضن، فالاستحواذ على الإهتمام ليس مسألة فردية، بل العكس هي مسألة جماعية أكثر مما نتوقع".
الكلمات المستعملة في وسائل الاتصال أو على أبحاث الإنترنيت هي منتقات بالإجماع. فمثلا بقولنا إرهاب سنرى مئات بل آلاف الصفحات حول الموضوع، ساعات من البث حوله و الجمهور الكبير سيُكوِّن مباشرة صور من الرعب، هجمات حديثة، ... هنا يصبح الإهتمام الإجتماعي مهملا ومهمشا، دائما حسب Citton.

المنتهى الجيد :


أين المدرسة من كل هذا؟؟ غالبا ما نسمع بأن هذه التكنولوجيات  تسبب الشرود في القسم. بالنسبة ل Citton ليس من العدل وضع اللائمة على الآلات فقط، فهي تسبب الشرود فعلا ولكن الطلبة دائما ما يجدون أنفسهم في القمر ولا يبالون بخطاب الأستاذ. إذن هذا الإتهام بالتسبب بالشرود وعدم الاهتمام لا يأخد الأسباب النفسية للطلبة بعين الاعتبار.

حسب آخرين الشرود له معاني أخرى إذا ما علمنا كيف تمنح التكنولوجيا إحساسا بالقدرة لدى الشباب. Marius Bourgeoys الذي يعمل على ادماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم TICE كتب مؤخرا مقالا حول هذا الشرود بأن التكنولوجيا غير كاملة ولا تجيب عن كل متطلبات المتعلمين. أما Thierry Karsenti فقد أشار بنفسه للدور الإيجابي لهذه التقنيات ومدى تأثيرها الإيجابي على الطلاب ولو نسبيا.  
من هنا نستنتج وجود تنافر تربوي في المدرسة بين السياق المدرسي الذي يبعد الأجهزة المحمولة عن القسم بحجة التشويش  من جهة، ومن جهة أخرى  الرغبة في امتلاك الطلاب لكفايات رقمية. الخطاب النقيض : نعلمهم استخدام كل الوسائل الممكنة للتعلم باستمرار في الحياة اليومية ونرفض مصدرا كبيرا للمعلومات والمعارف والإبداع المتواجد في جيوبهم !! هذا بدون معنى وهم يفهمونه جيدا.
بالنسبة ل  Marius Bourgeoy، بات ضروريا أن تصبح المدارس "تقنية-تأملية/ techno-réfléchis  " وأن تدمج الإستعمالات الذكية لهذه الأجهزة في سياق بيداغوجي. من يجب التوجه للتهديد الإلكتروني la cyberintimidation ومواضيع أخرى من هذا الصنف لتقييم الإستعمالات الإيجابية للتكنولوجيات الحجيثة في حيات الطالب الحالية والمستقبلية.  

يظهر بأن كلا من Tristan Harris و Marius Bourgeoys يتجهان في منحى عمل Yves Citton الذي يتوقع بأنه الوقت المناسب للمرور من اقتصاد الاهتمام إلى بيئة الاهتمام.
باختصار، توقف عن الاعتقاد بأن الاهتمام البشري له فقط نهايات إنتاجية واقتصادية وجذب المؤسسات، فالتقنيات و الأفراد ينشئون بيئات يسهل فيها الإصغاء والانتباه و بالخصوص إيجاد الأشياء الجيدة.    
لاتبخلوا بمشاركة الموضوع مع أصدقائكم

0 commentaires:

أترك تعليقك أو ملاحظتك هنا Laissez vos commentaires et vos remarques ici