الاستثمار
في الجهل… وسيلة للدحر الطبقي
في المغرب، منع الموظفين خاصة هيئة التدريس بقرارات و تصريحات مستمدة
من "العبث المنهجي" استثمار في الجهل لصالح طبقة و نخبة قليلة
تصارع من أجل الاستمرار في الهيمنة و
تأمين و التحكم في آلياتها. و المقصود بالعبث
المنهجي هو ذلك التخبط و الضبابية واللارؤيا التي يمارسها بعض المسؤولين فيما يخص شرعنة منع متابعة الدراسة
سواء كان منعا مكتوبا (سحب التراخيص) أو تصريحا عبثيا (تصريح رئيس الحكومة الرابط بين
الترخيص بمتابعة الدراسة و الغياب عن العمل) عن وعي و إدراك بغية "الإستبغال" الإعلامي الممنهج للرأي العام.
لا مراء في أن
أمر المنع بمتابعة الدراسة أبعد من أن يكون
من أجل تفادي ظاهرة غياب الموظفين
الصغار
عن عملهم بحكم و جود آليات المراقبة القانونية و الإدارية تضمن استفادة
التلاميذ من حقهم في الحصص الدراسية. فبحكم تنامي أعداد الموظفين الصغار و عدم انتماءهم
إلى الطبقة القليلة المتحكمة
و نظرا لتضاعف معاناتهم المادية و النفسية في ظل حكومة ذات مرجعية’ الإسلام السياسي الوصولي ‘و التي لا تفرق
بين "الزكاة" الإيجابية
كركن محكوم بضوابط و شروط محددة و بين "الزيادات" السلبية الصاروخية
القسرية و العبثية (الأسعار، سن التقاعد، الإحباط، التذمر ...) ،
فقد فطنت الطبقة القليلة المتحكمة إلى مغزى "من يمتلك و يتحكم في المعرفة
يهيمن على الاقتصاد و الثقافة و السياسة و النفسية و التمثلات" فاستثمرت في طلب العلم و حاولت جاهدة منع سبله عن من لا ينتمي إليها بينما لا زالت الطبقة العريضة المسيطر عليها تنتشر
في المقاهي للقهقهة و لانتشاء كؤوس الشاي الممزوجة بنكهة الجهل و هي في كامل قواها
الإدراكية أن مصيرها التراجيدي مقدمته "الهشاشة" و خاتمته "السحق"
و " الدحق" و "الدحر" الطبقي!
امتلاك و الهيمنة على وسائل الإنتاج من
طرف طبقة و انعدامها لدى طبقة أخرى)
بعد حرمانها طبعا بشتى الطرق الميكيافلية و العبثية (
يفتح الباب على مصراعيه لبروز صراعات طبقية تشتد حدتها كلما تباعد
طرفي معادلتها: "التملك
و القابلية
و القدرة على الحيازة و السيطرة" vs
"الانعدام
و الحرمان و المصادرة".
في غالب الأحيان، و في إطار هذا الصراع الطبقي غير المتكافئ، لا يقتصر
طموح و فعل الطبقة القوية "كيفا /منهجا"
و "فاعلية"
على إخضاع و الاستحواذ على الطبقة المنهوكة بل يتعداه إلى الرغبة الجامحة في دحر و دحق الطبقة الثانية و التي يعتمد وجودها/صراعها
على "الكم/
العدد" و "التفرج"
فقط حتى تصير بعيدة
عن دائرة أي صراع طبقي متطلع إليه ومحتمل لتبدأ مراسيم الاحتفال ب"ملحمة السيطرة
المطلقة" في كل أرجاء الدائر المخلصة من "شرور الصراع" بعد التحاق الطبقة المدحوقة/المدحورة
بدائرة جديدة ذات شروط قاسية أبرزها انتفاء طموحات الرقي المعرفي و الفكري الممهدة و المؤدية أساسا إلى
الارتقاء الاجتماعي/الطبقي و المادي والمعنوي و السياسي .
تتشكل الطبقة المستحوذ عليها من عامة
الناس و أساتذة و موظفين صغار و عمال و حرفيين الخ.
رغم محدودية و سائلهم نظرا للحصار المعرفي و الاقتصادي الممارس عليهم
من طرف الطبقة المهيمنة تحدوا بعضهم الرغبة في التخلص من وضعهم الحالي لاعتناق أفاق
معرفية و أكاديمية و اقتصادية و سياسية تنسجم مع تطلعاتهم المتجددة التي لا يحتضنها مجال و حيز طبقة انتماءهم. و بحكم وجود طبقة شرسة شديدة الحرص على التحكم في كل منافذ الرقي
و الارتقاء الطبقي عن طريق السيطرة التامة على امتيازات و آليات تخول لها حرية (أو
عبثية) إصدار قوانين جديدة (أو متناقضة) و إلغاء أخرى في أي لحظة (أو نزوة ), فمهمة التحول الطبقي
(التسلق المشروع) لهذه الفئة يقتضي عملا قاعديا و أفقيا جبارا يجب أن ينطلق من فعل واع و ملتزم أرضيته خلق
"انفلات معرفي منظم" تباشره و تساهم فيه كل شرائح تلك الطبقة مع مراعاة طموحات و سرعة و إيقاعات الطبقة المهيمنة و العمل
معها في مراحل متقدمة من المنافسة المعرفية/الفكرية و اللحاق الثقافي/الطبقي على بلورة
مشروع "الطبقة الواحدة و المشتركة و الجامعة" أساسها "الوطن للجميع"
و آلية الرقي الرمزي الوحيدة داخلها هي "المواطنة
المنتجة
" و ثروتها
و رأسمالها المركزي هو "الإنسان الوطني".
بيد أن دهاء الطبقة
القليلة و حيطتها من أي انفلات محتمل لوسائل ممارسة و استمرارها هيمنتها و استحواذها (انفلات
المعرفة و الفكر) تجعلها تعمل بحزم مستغلة في ذلك هيمنتها على الوسائل
التشريعية و القانونية لقطع الطريق أمام منتمين للطبقة العريضة و وضع حد لآمالهم و
تطلعاتهم لتغيير طبقتهم الأصلية. وأنجع الطرق لضمان ذلك هي إشاعة الرفاه المعرفي و
العلمي لدى منتسبي طبقتهم و منع
"حد التهكم"
من أي طرف خارجي يرجوا المعرفة و العلم تأسيسا على مغزى الفكرة السابقة و القاضية بان
امتلاك المعرفة
مدخل أساسي للهيمنة الاقتصادية و الاجتماعية
و الثقافية و السياسية و الأخطر من ذلك كله: الهيمنة النفسية/المعنوية .
تعتبر العدالة المعرفية أولى الخطوات
نحو الديمقراطية و التقدم. فمعيار ديمقراطية و
تقدم أي بلد يعكسه مدى وفرة و تنوع المؤسسات العلمية و الثقافية و المساواة
في توزيعها و سبل الاستفادة منها و نجاعة برامجها. و منع المواطنين خاصة الموظفين الصغار
مثل الأساتذة
من ابتغاء سبل العلم تعميق للفوارق الطبقية و دحر لطبقة عريضة من المجتمع
و صياغة مستقبلية لجهنم
اسمه "الجهل
المستفحل" الذي يوفر و يرعى و يصون شروط تحقق "جنة نخبوية على الأرض"
بالنسبة للطبقة المستحوذة.
الروابط:
تصريح بنكيران حول
أسباب منع الأساتذة من الدراسة :
حمزة الشافعي
أفانور/تنغير
09/10/2014
لاتبخلوا بمشاركة الموضوع مع أصدقائكم
0 commentaires:
أترك تعليقك أو ملاحظتك هنا Laissez vos commentaires et vos remarques ici