2014/12/20

رفعا للإحراج

وأنا أتفحص صفحات كتاب الأمير الذي سلمه المستشار هاملتون لولي العهد فنر استوقفتني هذه الوصية " و على الحاكم الذكي المتبصر ألا يحافظ على وعوده عندما يرى أن هذه المحافظة تؤدي إلى الإضرار بمصالحه و أن الأسباب التي دعته لإعطاء تلك الوعود لم تعد قائمة" . هي وصية ملغومة استند إليها ماكرو الحقل السياسي لبلوغ سدة الحكم ، استوعبوا كلماتها و خلفياتها الأيديولوجية تمام الفهم و الاستعاب ، و عملوا على إسقاطها دون عناء في بيئة هشة تفتقر للنضج و الدهاء . "ب" الذي طالما هلل و قبع في زاوية المعارضة مناشدا القائمين على السلطة أنذاك بضرورة التعجيل بالإصلاحات مخافة الوقوع في المحظور في القادم من السنوات ، سرعان ما عزم على أخذ المبادرة لخلق ثورة عارمة في المشهد السياسي تفضي برؤوس الفاسدين و تهيئ الجو الكفيل للنعيم و المصداقية . خاطب "ب" الشعب في مناسبات عديدة خلال حملته الانتخابية مقدما جملة وعود اتضح بعد ذلك أنها زائفة . استغل بساطة أو لنقل سذاجة و رقة الإنسان المحلي عند تمريره للأكاذيب و المغالطات المعهودة التي تجبرها راهنية الفترة، فشخص يتقن فن الخداع و المكر مثله بمقدرته أن يجعل حيله تنطلي على أمة من الناس تتصف بالبساطة و السهولة و تحكم العاطفة في ترجيح أمورها. استثمر "ب" كذلك في ظررف المرحلة و هيجان الشعوب و تحركاتها لردع رموزها المستبدة الغاشمة رافعة نداء الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية ، فأصغى لأنين هذه الأصوات و توجعها البين و حاكى وضعها الاجتماعي فألفاه شبيها بوضعنا القائم، فاتخذ هذه المطالب أساسا متينا يتردد عليها في جل خطاباته الشعبوية لتلميع صورته و تهذيب ذوق المتتبع فيه . فضلا عن ذلك فقد ساعد "ب" على بلوغ مطمحه صعود التيارات الإسلامية إلى الحكم ، ما أفرز ثقة عمياء لدى الشعب في الأحزاب ذات المرجعية .الدينية
 نعود إلى الوصية  لنحلل مكنونها ونقرأ ما تضمره سطورها، وهذه نبذة مقتضبة من وعود "ب" المزيفة  "" الإصلاح ، محاربة الفساد و محاسبة متسببه، تحسين المعاشات، الرفع من أجور الموظفين، التقليص من نسب البطالة و توفير فرص الشغل لفئة المعطلين، الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة ناهيك عن تخليق الممارسة السياسية و تمتيع المغربي بجميع حقوقه و حرياته...."" .غابت تلك الوعود أو لم تعد قائمة عند "ب" كما قرأ في ذاك السِّفْر المرشد، فهل الإضرار بمصالحه كان وراء الإخلاف بعهوده أم للمخزن دور جعله متحكما في المشهد ككل . يمكن تبرئة "ب" بالمعطى الثاني ؛ أي أن المخزن المغربي لن يسمح ببروز قوة حزبية تنافسه على السلطة خصوصا إذا التأمت حولها قاعدة شعبية هامة، و سيسعى إلى إضعاف كل من سولت له نفسه المساس 
   بمركزها و مصالحها العميقة.
"الكاتب" ع. اح
لاتبخلوا بمشاركة الموضوع مع أصدقائكم

0 commentaires:

أترك تعليقك أو ملاحظتك هنا Laissez vos commentaires et vos remarques ici