2017/05/01

البيداغوجيا المعكوسة : أربعون أستاذا لتلميذ واحد

البيداغوجيا المعكوسة : أربعون أستاذا لتلميذ واحد

البيداغوجيا المعكوسة : أربعون أستاذا لتلميذ واحد

في التعليم نجد دائما تخطيطات محفوظة مثل فكرة الأستاذ الذي يقود الفصل ولا يبخل بشيء من تعليماته ويضع اختبارات لا تحدث أية ردود أفعال مؤثرة. إنه الأساس. لذلك في السنين الأخيرة عديد الأشخاص أخذوا بالحسبان ضرورة تغيير هذه المقاربة لعهد DIY 'افعله بنفسك' (Do it yourself) في إطار تجديد الفصل الدراسي.
فنجد الفصل المعكوس حيث الطالب يأتي بالمعارف، فيضعها بعد ذلك في إطار تطبيقي في الفصل من خلال أعمال جماعية أو فردية، عروض و غيرها من الأنشطة البيداغوجية .إلا أن التساؤل المطروح هو هل هذا سيذهب بعيدا؟ وهل سنجد أقساما معكوسة؟ عشرات الأساتذة لطالب واحد : المعلم.

عكس النموذج :

في هذه المقاربة المعكوسة، الطلبة يصممون في مجموعات مختلفة خطة الدرس، فصوله ومحاوره وأسئلة الامتحان. الأستاذ يفعل كما المتعلم: يطلب شروحا، يقوم بالواجبات ويجيب على الامتحانات. الفكرة من خلال هذه المقاربة هي الفهم الشامل للمواد من قبل الطلبة. لذلك لو تمكنوا من إنشاء درس من خلال هذه المعارف وتمكنوا من تحديد الأسئلة المهمة التي يتم طرحها في الامتحانات فسيظهرون تمكنهم الذاتي من هذه المعارف. والعكس، إذا كان تصميم الدرس ومحتوى المحاور غير واضح وغير صحي، فالأستاذ سيلاحظ مكامن الخلل في فهم الطالب وسيحاول توجيهه من خلال أسئلته وانتقاداته ''كمتلقي''.
هذه المقاربة شيئا ما حديثة ويمكن الرجوع لهذا النوع من الفصول من خلال عدة تجارب منذ عام 2015. في شهر يونيو من نفس السنة في TedxLille يحكي لنا Jean-Charles Cailliez تجربته في فصله في الجامعة الكاثوليكية لمدينة ليل.

ومن أهم تجارب هذه الفصول أيضا نجد حكاية Marc Nagels من CNAM Bretagne إذ لم يقم بهذه التجربة في فصل واقعي، بل في تكوين عن بعد حول تاريخ علم النفس المعرفي.

خمسون أستاذا لإدراك درس واحد :

هذه التجربة في ليل جد مهمة لأن عدة أساتذة ساعدوا الأستاذ المعني لإنشاء مجموعات متوازنة من حيث معارف الشخصيات. ومثيلتها في CNAM لم يكن لها هذا الحظ. لذلك قسم الطلبة إلى مجموعات.
تعقيدات منذ البداية : المؤسسة لم تضع بعد نظاما للوسائل التشاركية من أجل تمكين الطلبة من تبادل وتشارك الوثائق. لذلك ارتموا في حضن الوسائل المجانية مثلGoogle Drive  و  Zotero وبما أن الكل ليسوا نوابغ يجيدون تقنيات المعلوميات فكان لازما أخذ الوقت لشرح كل هذا.
تغيير العادات الراسخة :
التجربة ليست دائما مزحة. الخطاطة التقليدية للتعليم جد راسخة عند الطلبة، فتتطلب مجهودات عدة و نصائح من المدرس لتمكين الطلبة الخمسون من إنشاء تصميم للدرس. وإنتاج محتويات في إطار مجموعات بعد نقاشات وتفادي التكرار وتحليل المحتوى للتأكد من أنه مفهوم لدى ''الطالب''.
من ناحية أخرى يسجل الطلبة في يومياتهم لشرح تجاربهم. Nagels نشر يوميتين جيدتين على مدونته. للحظة، هذه التجربة دليل واضح على ضرورة التعود على هذه المقاربة المحيرة وأيضا العمل بمجموعات عن بعد على محتوى كثيف.
غير أن التجربة ليست سلبية، بل العكس تماما، فالمتعلمون تمكنوا من التعلم بسهولة وأيضا وضعوا أسئلة وأعمال تدفع المدرس للعمل الشاق. بل ذهبوا بعيدا في البحث على المحتوى لتوفير محاور تحترم أهداف الدرس. وأكثر، الامتحان يتم تصحيحه من قبل مجموعة لم تعمل على ذلك المحور. ذلك يسمح بامتحان بمسافة نقدية بل أيضا يوفر معارف أكثر ريادة.
تصور الاختبار النهائي هو بمثابة تحد للمجموعة لاختيار المعارف الأساسية الواجب استرجاعها و امتحانها في نهاية البرنامج. 
ختاما، يظهر بأن تجربة Marc Nagels جد ايجابية. في تعليقات بطاقة مدونته يؤكد بأن فقط 20% من المتلقين  تخلو عن الدرس. رقم جد محترم في سياق التكوين عن بعد.
الأستاذ يقبل هذه المقاربة للفصل المعكوس غير الملائمة لكل المواضيع. إذا كانت تجربته على الشبكة العنكبوتية تشجعه على الانطلاق والبدء من جديد، فهو أكثر سهولة في الواقع لأن الضوابط والتنظيمات أكثر حضورا وتيسيرا للتعلمات. إذن ليس من لسهل منح عشرات الطلبة دور الأستاذ. بيد أن هنالك مبادرة مهمة تثمن الذكاء الجماعي والعمل التعاوني. الكفايات ضرورية أكثر من أي وقت مضى في التعلم والعالم على العموم.